كثير من آي الكتاب وأصول الدين ما يعزز هذه الروح السلمية ويبعد أن يكون الإسلام أسس علاقات المسلمين بغيرهم على الحرب الدائمة وأن يكون فرض الجهاد وشرع القتال على أنه طريق الدعوة إلى الدين لأن الله نفى أن يكون إكراه على الدين وأنكر أن يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. وكيف يتكون الإيمان بالإكراه ويصل السيف إلى القلوب. إن طريق الدعوة إلى التوحيد والإخلاص لله وحده هي الحجة لا السيف ولو أن غير المسلمين كفوا عن فتنتهم وتركوهم أحرارًا في دعوتهم ما شهر المسلمون سيفًا ولا أقاموا حربًا.
وما احتج به الفريق الأول من آيات القتال التي جاءت مطلقة ليس برهانًا قاطعًا على ما يقولون لأنه لم يوفق بين هذه الآيات المطلقة والآيات المقيدة بحمل المطلق على المقيد على معنى أن الله سبحانه أذن في القتال لقطع الفتنة وحماية الدعوة وتارة ذكره مقرونًا بسببه وتارة ذكره مطلقًأ اكتفاء بعلم السبب في آيات أخرى. ولو كان بين الآيات تعارض كانت المتأخرة ناسخة للمتقدمة فلم يذكر السبب الذي من أجله أذن في القتال آخرًا كما ذكر السبب في الأذن به أولًا، وكيف تكون الآيات المقيدة منسوخة مع أن وجوب القتال لدفع العدوان مجمع عليه ولم يقل بنسخ هذا الوجوب أحد. فلا موجب لتقرير تعارض الآيات والقول بنسخ المطلق للمقيد لأن هذا تمزيق للآيات ويترتب عليه نسخ كثير منها، حتى قال بعض المفسرين: إن المنسوخ بآية السيف نحو مائة وعشرين آية ومن هذه الآيات كل ما يدل على أخذ بالعفو أو دعوة بالحكمة أو جدال بالحسنى أو نفي للإكراه على الدين.