أخرج البغوي عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله في ذلك الأمر سنة قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا. فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله جمع رءوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإن أجمع رأيهم على أمر قضى به. وكان عمر يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان فيه لأبي بكر قضاء فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رءوس المسلمين فإذا اجتمعوا على أمر قضى به. وأول خليفة ولى السلطة القضائية نفرًا هو عمر بن الخطاب.
فقد ولى أبا الدرداء قضاء المدينة وولى شريحًا قضاء البصرة وولى أبا موسى الأشعري قضاء الكوفة وكان هؤلاء جميعًا يولون القضاء والتشريع مما يدل على ذلك ما ورد في كتب تعيين القضاة فقد جاء في رسالة عمر لأبي موسى الأشعري ... "الفهم الفهم فيما ورد عليك مما ليس فيه نص في كتاب ولا سنة".
ولما دون الأئمة المجتهدون اجتهاداتهم واتخذها رجال القضاء مرجعًا لهم كان عمل القضاة لا يخرج عن تطبيق ما رآه غيرهم وكانوا يقلدون