وفي تشريع الأحكام لما يحدث في الأقضية والحوادث وما يطرأ من المصالح والحاجات.

وقد انقضى القرن الأول الهجري ولم يكن للدولة الإسلامية قانون مدون سوى القرآن الكريم الذي جمع في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق وكان التشريع في ذلك القرن على عهد الخلفاء الراشدين وصدر الدولة الأموية بالرجوع إلى القرآن وإلى حفاظ السنة، فإن وجد أهل الفتيا -من الصحابة والتابعين وتابيعهم- نصًا اتبعوه وإلا اجتهدوا رأيهم، وما كانت تدون هذه الآراء الاجتهادية ولا تعتبر قانونًا ولا شرعًا إلا باعتبار أن مستندها ومرجعها إلى القرآن والسنة.

لكن ما اتسعت دائرة الفتح وانتشر الإسلام في الممالك القاصية وتفرق حفاظ الشريعة ورواتها في مختلف الأنحاء مع زيادة وسائل الحضارة والعمران وتجدد الأقضية والحوادث بتشعب المعاملات والأحوال خيف من تشتت أحكام الشريعة ودخول الفوضى في التشريع فكان هذا باعثًا على أمرين:

الأول:

تدوين الحديث للرجوع إلى ما فيه من الأحكام.

الثاني:

تدوين المجتهدين اجتهاداتهم وأصولهم التي استندوا إليها في التفريع والاستنباط. وأول من قام بالأمر الأول الإمام الزهري بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز فقد دون ما وصل إليه من السنة في صحف وعني الخليفة بتوزيعه على الأمصار في أواخر القرن الأول الهجري، وقام بالأمر الثاني الأئمة المجتهدون: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وداود وزيد بن علي وجعفر الصادق وغيرهم، ومن هذا الحين صار رجال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015