وليس يوجد مانع شرعي من الأخذ بكل ما يدرأ المفاسد ويحقق المصالح في أي شأن من شئون الدولة ما دام لا يتعدى حدود الشريعة ولا يخرج عن قوانينها العامة. وهذه أقوال بعض العلماء التي توضح هذه الوجهة: فقد نقل علاء الدين في كتابه معين الحكام عن الإمام القرافي قال:
"واعلم أن التوسعة على الحكام في الأحكام السياسية ليس مخالفًا للشرع، بل تشهد له القواعد الشرعية من وجوه:
أحدها:
أن الفساد قد كثر وانتشر بخلاف العصر الأول ومقتضى ذلك اختلاف الأحكام بحيث لا تخرج عن الشرع بالكلية لقوله -صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" وترك هذه القوانين يؤدي إلى الضرر.. ويؤكد ذلك جميع النصوص الواردة بنفي الحرج.
وثانيها:
أن المصلحة المرسلة قال بها جمع من العلماء وهي المصلحة التي لم يشهد الشارع باعتبارها ولا بإلغائها. ويؤكد العمل بالمصالح المرسلة أن الصحابة -رضوان الله عليهم- عملوا أمورًا لمطلق المصلحة لا لتقدم شاهد بالاعتبار، نحو كتابة المصحف، وولاية العهد من أبي بكر لعمر، وتدوين الدواوين، وعمل السكة، واتخاذ السجن، وغير ذلك من كثير لم يتقدم فيه أمر أو نظير وإنما فعل لمطلق المصلحة.
وثالثها:
أن الشرع شدد في الشهادة أكثر من الرواية واشترط في الشهادة العدد والحرية لتوهم العداوة، ووسع في كثير من العقود كالعارية والمساقاة للضرورة، ولم يقبل في الشهادة بالزنا إلا أربعة وقبل في القتل