في الواجب التمتع بالحقوق. غير أن هذا الفرد إن كان من المسلمين فالواجب عليه معين في أمواله وهو الزكاة، وإن كان من غير المسلمين فالواجب عليه معين على رأسه وهو بمنزلة الزكاة من المسلم ولذا لا تجب على الذمي زكاة في أمواله ولا في سوائمه. وإذا أسلم سقطت عنه الجزية ووجبت عليه الزكاة في ماله، وهذا لأنه لا يجمع بين واجبين.
والأصل في فرض الجزية قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} 1.
وجميع أحكامها وشرائطها مراعى فيها العدل والرحمة، ففيمن تجب عليه؟ روعى أن لا تجب إلا على كل رجل حر عاقل قادر على أدائها لأن الله عز شأنه قال: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} 2، أي عن قدرة وغنى.
وفي موعد وجوبهما روعى أنها لا تجب إلا مرة واحدة في السنة بعد انقضائها بشهور هلالية.
وفي تعيين قدرها اختلف الفقهاء فذهب أبو حنيفة إلى تصنيف من تجب عليهم ثلاثة أصناف: أغنياء يؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهما، وأوساط يؤخذ منهم أربعة وعشرون درهما، والباقون يؤخذ منهم اثنا عشر درهما فجعلها مقدرة الأقل والأكثر وذهب الشافعي إلا أنها مقدرة الأقل فقط وهو دينار، وأما الأكثر فغير مقدر وهو موكول إلى اجتهاد الولاة.