بِهِ عَلَى وَلَدِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ. قال: أنت أصر بِهِ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ صدقت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ. أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ آدَمَ إنَّكَ أَنْ تبذل الفضل خير لك، دان تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ. وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ؛ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ. وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» . وَهَذَا تَأْوِيلُ قَوْله تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] أَيْ الْفَضْلَ (سورة البقرة: من الآية 219) . وَذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فِي الْغَزْوِ وَالْمَسَاكِينِ؛ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ إمَّا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَصِيرُ مُتَعَيَّنًا إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِهِ؛ فَإِنَّ إطْعَامَ الْجَائِعِ وَاجِبٌ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لَوْ صَدَقَ السَّائِلُ لَمَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ» . ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ صِدْقُهُ وَجَبَ إطْعَامُهُ. وَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الطَّوِيلَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ -وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ-: " حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ تَكُونَ لَهُ أَرْبَعُ سَاعَاتٍ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِأَصْحَابِهِ الذيِن يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ وَيُحَدِّثُونَهُ عَنْ ذَاتِ نفسه، وساعة يخلو فيها بلذته فسما يَحِلُّ وَيَجْمُلُ، فَإِنَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْنًا عَلَى تِلْكَ السَّاعَاتِ ". فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ من اللذات المباحة الجميلة فإنها تدين عَلَى تِلْكَ الْأُمُورِ.