ومن القرائن الفقهية: اعتبار ما يصلح للرجال من متاع البيت عند اختلاف الزوجين في ملكيته هو للرجل، كالعمامة والسيف، وما يصلح للنساء فقط، كالحلي للمرأة بشهادة الظاهر، وملاحظة العرف، والعدل.
ومن القرائن القضائية: الحكم بالشيء لمن كان في يده، باعتبار أن وضع اليد قرينة على الملك بحسب الظاهر، وإذا كانت القرينة قطعية تبلغ درجة اليقين، مثل الحكم على الشخص بأنه قاتل إذا رئي مدهوشًا ملطخًا بالدم، ومعه سكين بجوار مدرج بدمائه في مكان، فإنها تعد وحدها بينة نهائية كافية للقضاء.
أما إذا كانت القرينة غير قطعية، ولكنها ظنية أغلبية، كالقرائن العرفية أو المستنبطة من وقائع الدعوى وتصرفات الأطراف المتخاصمين، فإنها تعد دليلًا مرجحًا لجانب أحد الخصوم متى اقتنع بها القاضي ولم يوجد دليل سواها، أو لم يثبت خلافها بطريق أقوى. ولا يحكم عند جمهور الفقهاء بهذه القرائن في الحدود؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ولا يحكم بها أيضًا في القصاص إلا في القسامة؛ للاحتياط في موضوع الدماء وإزهاق النفوس، ويحكم بها في نطاق المعاملات المالية والأحوال الشخصية عند عدم وجود بينة في إثبات الحقوق الناشئة عنها.
إلا أن المالكية أثبتوا شرب الخمر بالرائحة، وأثبتوا الزنا بالحمل لغير المتزوجة، ووافقهم ابن القيم في إثبات الزنا بالحمل، وفصل الحنابلة فقالوا: تحد الحامل بالزنا وزوجها بعيد عنها، إذا لم تدعِ شبهة، ولا يثبت الزنا بحمل المرأة وهي خلية لا زوج لها.