حديث جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختصم إليه الرجلين في دابة أو بعير، فأقام كل واحد منهما البينة بأنها له، فقضى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للذي هي في يده.
وننتقل الآن إلى الحديث عن الاحتمال الثاني في التعارض بين البينتين، وهو حال التعارض الدعويين بين الخارجين عن ذي اليد في ملك المطلق، يعني: أن الشيء في يد إنسان، ويأتي اثنان آخران يتنازعان في ملكيته، وأيديهما بعيدة عن هذا الشيء، تعارض الدعويين بين الخارجين عن ذي اليد في ملك المطلق، فنقول: إذا تنازع اثنان عينًا وهي في يد شخص ثالث، وهو منكر لها، وأقام كل منهما بينة يريد بها إثبات حقه فيها، فاختلف الفقهاء في: من يقضى له بهذه العين؟
فقال الشافعية في الأرجح تهاترت البينتان، أي: تساقطتا وبطلتا لتناقضهما، سواء أكانت البينتان مطلقتي التاريخ أم متفقتين في التاريخ أم إحداهما مطلقة عن التاريخ، والأخرى مؤرخة، فأشبه ذلك تعارض الدليلين ولا مرجح بينهما، فكأنه لا بينة ويصار إلى الحكم في القضية كما لو تداعيا، ولا بينة لواحد منهما، فيحلف كل واحد منهما يمينًا ويقضى بالشيء بينهما نصفين.
وكذلك قال المالكية: تسقط البينتان، ويقضى كأنه لا بينة، فيحلف كل منهما يمينًا، ويقسم الشيء بينهما، فإن حلف أحدهما دون الآخر قضي له.
والراجح عند الحنابلة: أن البينتان تسقطتان ويقترع المدعيان على اليمين كما لو لم تكن بينة فمن خرجت له قرعة حلف وأخذ العين.
أما بالنسبة للأحناف فقد كان لهم تفصيل في هذه الصورة:
قالوا: إذا كانت الدعوى من الخارجيين، وقامت البينتان على ملك المطلق بلا تاريخ أو كان تاريخهما متفق، والشيء في يد ثالث، ففي هذه الحالة يقضى به بينهما نصفين،