الحجة القوية وهي البينة، وأن جانب المدعى عليه قوي؛ لأنه متمسك بالأصل، وهو البراءة؛ فاكتفي منه بالحجة الضعيفة، وهي اليمين.
والبينة: إما شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، أو شاهد ويمين، أو أربعة رجال، أو أربعة نسوة.
وأما اليمين: فهي حجة المدعى عليه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((واليمين على المدعى عليه)) فإن حلف المدعى عليه قضى القاضي بفصل الدعوى، وتنتهي الخصومة بين طرفي الدعوى إلى أن يتمكن المدعي من إقامة البينة، وإن نكل عن اليمين، أي إن نكل المدعى عليه عن اليمين، فهل ترد اليمين إلى المدعي أو يقضي عليه بمجرد النكول؟
فيه رأيان للفقهاء، أذكرهما فيما يلي:
فنقول: إذا أبى المدعى عليه أن يحلف، هل يحلف المدعي؟ أو يقضى بنكول صاحبه عن اليمين؟ كما قلنا اختلف العلماء في الموضوع:
قال المالكية: ترد اليمين على المدعي بعد النكول في الأموال، وما يؤول إليها فقط، وقال الشافعية: ترد اليمين على المدعي في جميع الحقوق ماعدا جنايات الدماء والحدود ويقضى له بما ادعاه، ولا يقضى بمجرد نكول المدعى عليه.
ويعتبر اليمين المقرورة إقرارًا حكمًا، وهذا هو الذي صوبه الإمام أحمد.
وعلى هذا: يكون رأي الإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، هو القول برد اليمين على المدعي؛ لكن المحتار عند الحنابلة القول بعدم رد اليمين.
واستدل الجمهور القائلون برد اليمين على المدعي في حالة نقول المدعى عليه، استدلوا بما روى ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد اليمين على طالب الحق، ولأن المدعى عليه إذا نكل عن اليمين بعد أن طُلِبت منه ظهر صدق المدعي وقوي جانبه فتشرع اليمين في حقه كالمدعى عليه قبل نكوله، وكالمدعي إذا شهد له شاهد واحد، وقال تعالى: {أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} (المائدة: من الآية 108) أي: بعد