أما بالنسبة للقضاء خارج المدينة: فقد كان القضاء جانبًا من عمل الولاة ودخلًا في سلطتهم، وتبعًا لذلك فقد كان ولاة أبو بكر لهذه الولايات هم قضاته أيضًا في أماكن عملية، ولعله في هذا نهج نهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت أسباب أخرى بجانب ذلك لم تجعله -رضي الله عنه- يتجه إلى فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية والسياسية كما فعل عمر -رضي الله عنه- من بعده، وهذه الأسباب منها قصر مدته في الخلافة؛ فقد مكث سنتين وثلاثة أشهر وبعض أيام، وكان همه منصرفًا خلالها إلى القضاء على الفتنة التي أشعلت نارها بعض القبائل بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها أن أعباء الولاة في عهده لم تكن، بالكثرة التي تحول بينهم وبين تفرغهم لمزاولة القضاء والفصل بين المتخاصمين.

ثم نتكلم عن نهج أبي بكر في القضاء، فنقول: نهج أبو بكر في القضاء ما يأتي:

أ- الرجوع إلى كتاب الله أولًا في القضية المعروضة عليه للفصل فيها، فإن وجد فيه نصًّا قضى به.

ب- إذا لم يجد في الكتاب حُكمًا في النزاع الذي ينظره حكم بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إن وجد فيها الحكم.

جـ- إذا لم يجد الحكم في السُّنة بحث في قضاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن حادثة مماثلة، وحكم بحكم الرسول إذا تشابهت القضيتان.

د- القضاء إذا لم يجد في قضاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يقضي به استشار رءوس الناس، فإذا أجمعوا على شيءٍ قضى به، فإذا لم يجتمعوا على شيء في الخصومة فكان يجتهد رأيه ويقضي باجتهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015