ومقدار مدة المعاهدة يختلف بحسب نوعها بدءًا، وانتهاءً؛ فبالنسبة لمدة الأمان مثلًا؛ يبدأ الأمان بعلم المستأمن بإيجاب المؤمن وتأمينه -عند جمهور الفقهاء- وبحصول القبول -عند الشافعية- وينتهي بحسب المدة المتفق عليها.
وللفقهاء أراء في الحد الأقصى للأمان؛ فيقول الشافعية والمالكية: مدة الأمان -الهدنة- لا تزيد على أربعة أشهر إذا لم يكن المستأمن سفيرًا، أو رسولًا سياسيًا؛ فتنتهي مدته بانتهاء مهمته، وذلك في حالةِ توافر القوة للمسلمين.
أما إن كانوا في ضعفٍ؛ فينظر الإمام في تقدير المدة، ويجوز له حينئذٍ مد أجل الأمان إلى عشر سنوات كالهدنة، وإن أطلق الأمان عن التوقيت حمل عن أربعة أشهر، وهذا كله في أمان الرجال، أما النساء؛ فلا يحتاج في أمانهن إلى تقييد مدة، وإذا انتهت مدة الأمان؛ يبلغ المستأمن مأمنه، وقال الحنفية: والشيعة الإمامية، والزيدية: إن مدة الأمان لا تبلغ سنة؛ حتى لا يصير المستأمن عينًا -أي: جاسوسًا- على المسلمين، وعونًا عليهم، ودليلهم مراعاة الضرورة أو الحاجة.
ووسع الحنابلة أكثر من غيرهم؛ فأجازوا عقد الأمان بدون دفع جزية لكل من المستأمن، والرسول السياسي مطلقًا، أو مقيدًا بمدة، سواء كانت المدة طويلة أم قصيرة، بخلاف الهدنة؛ فإنها لا تجوز إلا مقيدة.
وننتقل إلى مدة الهدنة، تكلمنا عن مدة الأمان، نتكلم الآن عن مدة الهدنة فنقول:
اتفق الفقهاء على أن تكون الهدنة مقدرة بأجل معين، فلا تصح المهادنة مطلقًا إلى الأبد، إنما هي عقد مؤقت، كي لا يؤدي إلى تعطيل الجهاد، ولا يجوز في رأي جماعة من الفقهاء أن تزيد عن عشر سنوات كالمدة التي في صلح الحديبية، إلا