كما يفعل ساسة اليوم؛ مما يوقع في الارتباك، ويحتاج إلى تفسير المعاهدة بالتحكيم، أو القضاء الدولي، وذلك يؤدي غالبًا إلى إحباط أهداف المعاهدة، وإضاعة الحقوق المشروعة، ونقض ما تم إبرامه؛ بسبب بطء القضاء، وسوء نية الدول المتحضرة.
ولقد حذرنا القرآن الكريم من مكر الأعداء فقال -عز وجل-: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} (النساء: من الآية: 102) وقال أيضًا: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل: من الآية: 94) وكانت معاهدات النبي -صلى الله عليه وسلم كصحيفة وثيقة المدينة يعني: كالصحيفة، أو الوثيقة التي عقدها مع اليهود عندما ذهب إلى المدينة بعد الهجرة، وكصلح الحديبية، ونحوهما- في غايةِ الإبانة.
أقول: كانت هذه المراجعات في غايةِ الإبانة، والوضوح، وتجنب كل ما يؤدي إلى وعورة الطريق في المستقبل، عند التنفيذ.
ونتكلم عن مدة المعاهدة فنقول: يبدأ تنفيذ المعاهدة عادة في الإسلام بمجرد الاتفاق عليها، دون حاجة إلى كتابتها، أو التوقيع، أو إعلانها، والتصديق عليها إذا صدرت ممن يفوض له عقد المعاهدة نيابة عن الدولة بدليل تنفيذ معاهدة الحديبية، ورد من جاء إلى المسلمين -كما بينا قبل إتمام المعاهدة.
وإذا نص -في المعاهدة- على تاريخ معين لبدء سريان مفعولها أصبحت نافذة المفعول من ذلك التاريخ، وأما انتهاء العمل بالمعاهدة شرعًا؛ فينص عليه عادة، وتنتهي المعاهدة بانتهاء المدة المتفق عليها لقوله تعالى: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} (التوبة: من الآية: 4).