التي اهتزت ثقتها بقريش، واهتزت ثقتها بزعامة قريش للنظم القبلية، كما طور النظام هذه الشروط في نفس الوقت بما يهيء لتلك القبائل المناخ السليم لفهم الدين الإسلامي، واعتناقه عن عقيدة وإيمان؛ فقد كان من أهم مظاهر التطور الجديد دخول خزاعة -قبيلة خزاعة- في حلف الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكانت هذه القبيلة حليفة لعبد المطلب جد النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام، ورغبت في تجديد ميثاقها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجاء في محالفتها مع عبد المطلب ما يلي:

"وأن عبد المطلب وولده ورجال خزاعة متضافرون متعاونون، وعلى عبد المطلب النصرة لهم، وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده على جميع العرب، وأقر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المحالفة، بعد أن زاد عليها شرطين يتفقان والنظام الإسلامي الجديد، وهما:

أولًا: ألا يعين خزاعة إذا كانوا ظالمين.

ثانيًا: أن ينصر خزاعة إذ وقع عليهم ظلم، ذلك أن خزاعة لم تكن قد أسلمت بعد، وأبى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يكون أساس التحالف هو أساس النظام الإسلامي الذي لا يقر التحالف القبلي، وقاعدته البالية التي تقول: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا. وانتهى هذا الدور الثالث بفتح مكة سنة 8 هجريًا، وإدخال هذا المعقل العتيد -وهو مكة- للحياة القبلية، كان معقلًا عتيدًا للحياة القبلية، ونظمها بفضل فتح مكة.

دخل هذا المعقل في دائرة النظام السياسي لجماعة المسلمين في يثرب، وأعقب هذا النصر المبين للنظام السياسي للصحيفة تغيير جذري في الحياة القبلية في شتى أرجاء شبه الجزيرة العربية؛ إذ رأت القبائل العربية -في فتح مكة- في ذلك دليلًا على انهيار عهد النظم القبلية بما استندت إليه من جهالة حمقاء، وعصبية عمياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015