كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل: 91 - 94).
وقد تضمنت النصوص السابقة ما يلي:
تضمنت أمرًا بالوفاء بالعهد، ونهيًّا عن نقضه بعد توكيده؛ لأن الله -عز وجل- شهيدًا عليه، وحافظ وضامن له، وهذا أدعى إلى الوفاء به.
أيضًا: شَبهت الآية الذي يخلف، ويعاهد، ويبرم عهده، ثم ينقضه بالمرأة الحمقاء، التي تغزل غزلها، وتفتله محكمًا، ثم تحله، فنقض العهد حماقة، تؤدي إلى تفكك الصلات بين الأفراد، والدول، والجماعات، وما هذا إلا عن سوء تفكير، وفساد تدبير.
وبينت الآية أنه لا تكون القلة والكثرة سببًا في نقض العهد، بل لا بد من الحفاظ على العهد والتمسك به؛ فالله تعالى ابتلى عباده بالتحديات، ومحاولة بعضهم الظهور على بعض، واختبرهم بذلك؛ ليرى من يجاهد نفسه فيخالفها، ممن ينساق وراءها، ويعمل بمقتضى هواها.
وتضمنت الآية أيضًا وعيدًا لمن نقض العهد، وعقد العقد بالانطواء على الخديعة، والفساد فيها بعد الثبوت، وتزل قدمه فيهوَى إلى مدارك السقوط، فنقض العهد يزري بالمكانة، ويؤدي إلى المهانة، وهكذا.