والثاني: زوال نظرهما عمّا اختلفا فيه، فإن لم يشرك بينهما في النظر بل أفرد كل واحد منهما بعمل يكون فيه عام النظر خاص العمل، مثل أن يرد إلى أحدهما وزارة بلاد المشرق وإلى الآخر وزارة بلاد المغرب، أو يخصّ كل واحد منهما بما يكون فيه عامّ العمل خاصّ النظر مثل أن يستوزر أحدهما على الحرب والآخر على الخراج صحّ تقليدهما على كلا الوجهين، غير أنهما لا يكونان وزيري تفويض ويكونان واليين على عملين مختلفين؛ لأن وزارة التفويض هي ما عمّت ونفذ أمر الوزير بها في كل عمل وكل نظر، ويكون تقليد كل واحد منهما مقصورًا على ما خصّ به وليس له معارضة الآخر في نظره أو عمله.
ويلاحظ على ما ذهب إليه أبو يعلى أنه ينظر إلى إطلاق سلطة وزير التفويض، ومن ثم يعتبر من يُخصّ بعمل معين كالحرب أو الخراج ونحو ذلك يعتبره واليًا أو عاملًا ولا يعتبره وزيرًا؛ لأن وزارة التفويض شأنها العموم في كل نظر وفي كل عمل، ولذلك فلا يجوز التعدد في وزارة التفويض حتى لا يؤدي ذلك إلى الاختلاف نظرًا لحق وزير التفويض في النظر في جميع شئون الدولة دون تخصيصه بإقليم دون آخر أو بعمل دون آخر، ولكن يجوز تعيين وزيري تفويض عند الاشتراك بينهما في النظر في جميع الأمور وفي هذه الحالة يؤخذ بقولهما فيما اتفقا عليه دون ما اختلفا فيه.
تعتبر وزارة التنفيذ هي النوع الثاني من الوزارة عند فقهاء المسلمين، وهي أقل شأنًا من وزارة التفويض إذ لا يتمتع فيها الوزير بالاستقلال الذاتي وإنما هو مكلف بتنفيذ الأمور فقط كما أمضاها الخليفة، وينقل إليه أخبار الولاة والرعية كما ينقل تعليماته إلى الولاة والأمراء والقضاة وسائر الرعية، ولذلك يتعين على