لطول عهده, ولأن الله فتح للمسلمين في خلافته بلاد فارس, والشام, ومصر, فتشعبت أمور الدولة الإسلامية, وتفرعت مطالبها, وزادت ماليتها, وفي الوقت نفسه اتصلت الدولة الناشئة بحضارات عريقة في الدول المفتوحة, مما نبه عمر إلى الاستفادة بما في هذه الدول من نظم لحل المشكلات الإدارية, والتنظيمية, التي تواجهها الدولة الإسلامية, وللرقي بها خطوات إلى الأمام.

وهكذا أنشأ عمر الدواوين كما سبق, وكان لزامًا على عمر إنشاء بيت المال, وأن يضع أسسه, وينهض به, فقد وظَّف القضاة والولاة, ورتَّب الجند, وجعل الجندية عملًا دائمًا كما رأينا, وأصبح الجند يرابطون في الثغور, وكان لهم ديوان الجند, وقد حُددت لهم, ولذويهم, رواتب ونفقات منظمة, كما فرض العطاء للمسلين, وكان لهم ديوان العطاء, وأنشأ ديوان الجباية؛ لاستقبال الخراج, والجزية, فارتباط عمر بالعطاء, وصرف المرتبات على جنده وعماله, أحوجه للادخار؛ ليوفي بما ارتبط به, وبالتالي احتاج لبيت المال؛ ليضع فيه هذه المدخرات, وكشوف المستحقين, فبيت المال يشمل النظر في كل ما يتعلق بأموال الدولة من زكاة, وخراج وجزية, وفيء, وغير ذلك.

ويسمَّى بيت المال الديوان السامي, أو ديوان الأموال, وهو أصل الدواوين, ومرجعها, ووظيفته أن يثبت في جرائده جميع المستحقات لبيت المال على أصنافهم, من عين, وغلال, وحيوان, كما يثبت الأموال المستحقة على بيت المال كأرزاق الجيش, والقضاة, وأثمان ما يلزم من أسلحة, وغير ذلك مما ينفق في سبيل المصلحة العامة.

وقد أتاحت الشريعة الإسلامية بنظومها الفرصة لتنظيم الشئون المالية في الإسلام, فقد بيَّن الله مصارف الزكاة, وخُمس الغنائم, والفيء, وسكت عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015