ففي عهد عمر فتحت سورية, وفلسطين, وسواد العراق, وأكثر أقاليم الفرس, كما فتحت مصر, وأفريقية من أقاليم الروم, فكتب أبو عبيدة من الشام, كما كتب من قبله سعد بن أبي وقاص من العراق إلى عمر بقسمة الأرض, والفيء, والمغانم بين المسلمين, إلا أن عمر -وبعد استشارة أهل الرأي في المدينة- أبقى الأرض المفتوحة بأيدي أهلها, وفرض عليهم الخراج, وهو ضريبة على الأرض, وأيضًا فرض عليهم الجزية وهي ضريبة الرءوس, وقد كان هذا سببًا أساسيًّا في إنشاء هذا الديوان, الذي أصبح موردًا رئيسيًّا من موارد بيت المال.
ومن أهم الأشياء التي نظمها, واهتم بأمرها عمر بن الخطاب, هو تنظيم الجيش الإسلامي, وجعْل التجنيد إجباريًّا, فلم يكن الجيش في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- منظمًا, وعندما أذن الله لرسوله, وأصحابه, بالقتال, كانت الدعوة للجهاد لمن أراد طواعية, وإنَّ وقائع سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا تشير إلى إلزامه نفرًا من أصحابه بالتجنيد, يعني كان لا يُلزم أحدًا بأن يقاتل مع المسلمين, فقد كان يكتفي بحض المؤمنين على القتال, وكان -عليه السلام- يؤثر أن يصحبه في المعركة من أقبل على القتال عن رضا وطواعية, فأما المتباطئ المتثاقل فكان يقول لصحبه إذا ذكروه: دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم, وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه, وكثيرا ما كان يقول للمؤمنين قبيل المعركة: لا يخرج معنا إلا راغب في الجهاد, ثم فتح الله لرسوله مكة فتحًا مبينًا, ودخل الناس في دين الله أفواجًا, وأمسى عدد المؤمنين كبيرًا, وبات ممكنًا إعداد جماعة تعني بأمر القتال, إلا أنه لم تشكَّل جندية إلزامية, بل تمثلت في المسلمين ملامح التطوع في أغلب الحالات.