الكريم -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار, ويهود يثرب, والتي صارت تمثل النظام السياسي لجماعة المسلمين في المدينة, والدستور الدائم للدولة الإسلامية الوليدة, إذ رسمت هذه الصحيفة إلى جانب الشروط السياسية, وما ارتبط بها من حقوق وواجبات, أقول: رسمت هذه الصحيفة أسلوب العمل بين جميع الفئات المدنية, بما يجعل التنظيم الإداري ترجمة فورية, وعملية, لما تضمنته تلك الصحيفة من نظام سياسي, ويلمس الباحث في تلك الصحيفة الارتباط الوثيق بين النظامين السياسي, والإداري, وهي الحقيقة التي غدت سمة مميزة لنظم الدولة الإسلامية كلها, وقاعدة أساسية التزم بها الخلف عن السلف طوال عصر هذه الدولة الزاهر.

وتتضح القواعد الأساسية لهذا الترابط في النص على أن المؤمنين أمة من دون الناس, وأن أفراد هذه الأمة عليها تنظيم العمل فيما بينها إداريًّا؛ من أجل السهر على الأمن, والضرب على يد المفسدين, وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم, وإن أيديهم عليه جميعًا, ولو كان ولد أحدهم, واختار الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- من جماعة الصحابة رجال إدارته, كل حسب مواهبه, واستعداده, وتزويدهم أيضًا بالتدريب الكافي, والإرشادات التي تتفق مع تطور الدولة, واتساع سلطانها, وكانت القدرة على نشر الدعوة هي الأساس الأول للعمل في الميدان الإداري, وجاء في مقدمة العاملين في هذا الميدان الإداري سبعة من المهاجرين, وسبعة من الأنصار, منهم حمزة, وجعفر, وأبو بكر, وعمر, وعلي, وابن مسعود, وسليمان, وعمار, وحذيفة, وأبو ذر, والمقداد, وبلال, واشتهروا جميعًا باسم النقباء؛ لأنهم ضمنوا للرسول إسلام قومهم, وأن النقيب هو الضمين لما يتولاه من أمور, واستطاع نظام النقباء أن يحافظ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015