وطبقا لمفهوم التكامل الإسلامي فإن الإدارة عندما تفوض سلطاتها للمتخصصين, لا تنتهي مسئولياتها عن الأعمال التي فوضت فيها, بل هي شريكة في المسئولية, وملزَمة بالمتابعة, حتى يتم أداء العمل بما يحقق الأهداف المطلوبة.
ولقد وضع الرسول -عليه الصلاة والسلام- أسس التنظيم الاجتماعي في الدولة الإسلامية الأولى, فقسم العمل إلى إدارات, واختار من المسلمين أكفأهم لتولي مسئولية هذه الإدارات, وقد كان عبد الله بن نوفل أول من تولى القضاء في المدينة, ومصعب بن عمير أول قارئ في المدينة, كما كان زيد بن ثابت هو القائم بأعمال الترجمة, حيث كان يعرف الفارسية, والروسية, والقبطية, والحبشية, واليهودية, ولم ينس الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإعلام الديني, فاتخذ من حسان بن ثابت, وكعب بن مالك, شعراء للدعوة الإسلامية, وكان لكل من يتولى إدارة أعوان يساعدونه, ويأتمرون بأمره, وينفذون تعليماته, كما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرسل الجيش للغزوات وعلى رأسه أمير, وخليفة للأمير, وخليفة للخليفة, كما أن الرسول الملهم -صلى الله عليه وسلم- لم ينس الوظائف الاستشارية التي تقوم بتقديم النصح والتوجيهات, فأنشأ مجلسًا للشورى, يتكون من أربعة عشر نقيبًا يتم اختيارهم من بين أهل الرأي والبصيرة, وأصحاب العقل والفضل, وكان هذا المجلس يشمل جميع التخصصات؛ ليكون مرجعًا للمسلمين؛ عملًا بقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (الأنبياء: من الآية: 7).
وفي عصر الخلفاء الراشدين اتسع نطاق الدولة الإسلامية, فاتسع نطاق التنظيم, إلا أنه سار على نفس القواعد التي كانت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- متمثلة في