ومما يتصل بالرقابة ومتابعة الإنجاز: متابعة الإنجاز أيضًا، إذ يقر الإسلام مبدأ: مسئولية الشخص عن أعماله في الحياة الدنيا، وهي مسئولية تجد أساسها العقائدي في الإيمان بيوم الحساب؛ يوم يحاسب الله البشر على أعمالهم، ويجازيهم عنها: إما بثواب الجنة، أو بعقاب النار، فهو سبحانه المحيط، والبصير، والخبير بأعمالهم، والرقيب عليهم، وهو ما يؤكده العديد من آي الذكر الحكيم، نذكر منها قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} (النساء: من الآية: 108) ويقول تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} (آل عمران: من الآية: 156) ويقول -تبارك وتعالى-: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} (البقرة: من الآية: 234) ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا} (النساء: من الآية: 1).

وفي ضوء هذه المتابعة الإلهية لسائر أعمال البشر، يوجهنا الله سبحانه إلى إجراء متابعة إنجاز من هذا القبيل بمعرفتنا دُنيويًّا؛ وهو ما يشير إليه صراحة قوله تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة: من الآية: 105) كما يشير إليه ضمنًا قوله سبحانه: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} (النجم: من الآيتان: 39، 40).

ونخلص في ضوء ما تقدم من توجيهات إلى أنه ما دام عمل الإنسان وسعيه في هذه الحياة هو مصدر قيمته ومناط مسئوليته؛ فإنه يتعين رؤية هذا العمل بواسطة الآخرين، باتباع وسائل متابعته المختلفة، سواء عن طريق الإشراف وما يتطلبه من مهارات قيادية، أو تقييم الإنجاز بموجب تقارير نشاط دورية، وممارسة التفتيش والرقابة على اختلاف أنواعها وأجهزتها، فلا بد من أساليب متابعة نشطة؛ تحصي على العامل نشاطه، وتتابع سعيه لتقييمه أولًا بأول، في ضوء معدلات دقيقة ومعروفة، ووفق ضوابط ومعايير محددة للتكاليف والأداء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015