وتؤكد آيات القرآن المجيد هذه المعاني السامية فيقول -سبحانه وتعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ} (التوبة: من الآية: 71) كما يقول -سبحانه وتعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104) ويقول تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: من الآية: 110).

ويبين لنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أهمية النصيحة كأساس تقوم عليه هذه الرقابة الذاتية؛ فيقول: ((الدين النصيحة لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) ويحذر المولى -سبحانه وتعالى- من سوء عاقبة ترك المنكر يستشري دون نهي عنه؛ فيقول تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة: الآيتان: 78، 79) كما يوضح -صلوات الله وسلامه عليه- أساليب النهي عن المنكر، وتغييره، ويجعلها حسب الاستطاعة، فيقول -صلى الله عليه وسلم-: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) إن هذه الرقابة الذاتية هي أداة التغيير السلوكي الذي يؤمن به الإسلام؛ لتطوير المجتمع، إذ يقول -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} (الرعد: من الآية: 11).

وقد كانت هذه الرقابة قوام نظام الحسبة الذي عرفته الإدارة العامة في الدولة الإسلامية، ويحقق الأخذ بهذه الرقابة على مستوى المنظمة والمشروع: الإصلاح الإداري المنشود تلقائيًّا، كما يحقق الأخذ بها على مستوى الدولة ما تستهدفه من تطوير اجتماعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015