الدولة الإسلامية خطرًا خارجيًّا أو داخليًّا، كما يختلف باختلاف ما إذا كانت هذه السلطة تحوز على موافقة الأمة وارتضائها الاختياري وملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية أم كانت مغتصبة للسلطة غير ملتزمة بما حتّمه الشارع من قواعد وأحكام.

فإذا كان الخطر خارجيًّا فإن واجب النصرة يكون واجبًا مطلقًا، لا يجوز لأي مسلم أن يتعاقد عنه أو يتهاون في أدائه، سواء كانت السلطة العامة في الدولة الإسلامية عادلة أو جائرة؛ لأن الخطر هنا يتعلق بكيان المجتمع الإسلامي ذاته، ويقصد منه النيل من استقلاله ووقوعه في يد الأعداء؛ لذلك فإنه مع تحقق الظلم والجور في السلطة العامة فلا يجوز أن يتخلى أحد عن تقديم النصرة لها، ذلك أن المقصود بالنصرة في هذه الحالة ليس هو السلطة العامة بذاتها، وإنما المقصود حفظ الدولة الإسلامية من الوقوع في يد الأعداء؛ ولأن دفع الأعداء فرض من الفروض الدينية بمقتضى واجب الجهاد ويجد ذلك أساس مشروعيته في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًّا كان أو فاجرًا وإن عمل الكبائر)).

أما إذا كان الاعتداء داخليًّا، وهو الذي يتحقق بتمرد جماعة وخروجهم على السلطة -فيختلف الأمر بحسب ما إذا كانت السلطة مغتصبة لها أم تولت عن طريق الأمة ملتزمة بأحكام الشريعة، ففي حالة اغتصاب السلطة عن طريق القهر والقوة فلا يجب أن يقدّم المسلمون لها واجب النصرة بل على العكس من ذلك، إذا ما وجد ثائر واستهدف الإطاحة بها للعودة بها إلى حكم القانون الإسلامي فإن الواجب أن يساعده المسلمون؛ وذلك لأن الهدف في هذه الحالة هو تحقق السلطة العامّة المطابقة لقواعد القانون العام الإسلامي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015