انعقاد الإمامة عن طريق العهد من الإمام الحالي

ثم ننتقل الآن إلى الطريق الثاني من الطرق التي تنعقد بها رياسة الدولة، أو الإمامة العظمى، وهي: العهد، فنقول: عهد الإمام إلى واحد آخر ليلي الإمامة من بعده هو أحد الطرق التي اعتبرها العلماء موجبة لانعقاد الإمام، فنقول: تكلم الفقهاء والمتكلمون عن العهد باعتباره طريق من طرق انعقاد الإمامة بأن يعهد الإمام الحالي بالإمامة إلى رجل يختاره ليكون الإمام من بعده.

يقول الإمام الماوردي: وأما انعقاد الإمامة بعهد من قبله فهو بمن عقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته لأمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكراهما:

أحدهما: أن أبا بكر -رضي الله عنه- عهد بها إلى عمر -رضي الله عنه- فأثبت المسلمون إمامته بعده.

والثاني: أن عمر -رضي الله عنه- عهد بها إلى أهل الشورى؛ فقبلت الجماعة دخلهم فيها وهم أعيان العصر اعتقادًا لصحة العهد بها، وخرج باقي الصحابة منها، ويقرر العلماء أن الإمام بتوليه منصبه إنما يجب عليه أن ينظر في مصالحهم الدينية والدنيوية، وإذا ما وجب عليه النظر حال حياته، فالنظر في مصالحهم بعد مماته تابعٌ لذلك.

ونتكلم الآن عن شروط صحة انعقاد الرياسة بالعهد، فنقول: إما أن يعهد الإمام إلى واحدٍ فقط، وإما أن نعهد إلى أكثر من واحد، وسنتكلم عن كلِّ حالةٍ من هاتين الحالتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015