الشرط الخامس: أن يكون الذي عُقدت له البيعة أفضل الناس في الصفات، والشروط المطلوب توافرها في الإمام.

وبعد فهذه هي الآراء والأدلة التي اعتمد عليها الفقهاء بالنسبة للعدد الذي تنعقد به الإمامة من أهل الحل والعقد.

والآن ما هو الرأي الذي نميل إليه من هذه الآراء التي ذكرناها في مسالة العدد الذي تنعقد به رياسة الدولة؟ وقبل أن نبين الرأي الذي نميل إليه نحب أن نسأل كيف يمكن تصور ثبوت عقد الإمامة بمبايعة واحدٍ فقط مع أن مبايعة الواحد للإمام تعبر عن رأي ورغبة هذا الواحد فقط، وهذه الرغبة قد لا تدل على آراء ورغبات باقي أهل الحل والعقد، وأمر رياسة الدولة أكبر من رأي الواحد مهما عظم شأنه واشتهر فضله، فهو أمرٌ يحتاج بلا شك إلى الدرس، والبحث، والمشاورة، وهي أمورٌ تحتاج إلى الاتصال بأهل الحل والعقد لأخذ رأيهم فيمن يريدون توليته؛ ولذلك عد عمر بن الخطاب مبادرته بالبيعة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- قبل أخذ رأي أهل الحل والعقد، عد ذلك فلته، وقى الله المسلمين شرها، وقد رُوي عنه أنه خطب الناس، فقال: بلغني أن فلانًا قال: والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانًا، فلا يغرن امرأً أن يقول: إن بيعة أبي بكرٍ كانت فلتة فتمت، وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقّى شرها، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، فمن بايع رجلًا عن غير مشورةٍ من المسلمين؛ فإنه لا بيعة له، هو ولا الذي بايعه.

فبان من هذا أن الأصل في المبايعة أن تكون بعد التشاور مع أهل الحل والعقد، وأن عمر خالف بعمله هذا الأصل، فكان فلتة لظرفٍ خاص اقتضى ذلك هو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015