-صلى الله عليه وسلم- قال -وأنت قاعد-: ((قريش ولاة هذا الأمر, فبر الناس تبع لبرهم, وفاجرهم تبع لفاجرهم, فقال له: صدقت نحن الوزراء, وأنتم الأمراء)).

وبهذا يتبين أن السنة قد أوجبت هذا الشرط بروايات متعددة, هذا فضلًا عن الإجماع, فقد انعقد الإجماع في زمن الصحابة, وكذلك بعدهم على أن الأئمة من قريش.

هذا هو ما استدل به أصحاب الرأي الأول, وهم جمهور العلماء القائلون بأنه يشترط في الإمام أن يكون من قريش.

ولو نظرنا إلى أدلة الرأي الآخر, وهم الخوارج, القائلون بأنه لا يشترط هذا الشرط, فلهم أدلة على ما ذهبوا إليه.

فقد احتجوا في عدم اشتراط القرشية بأحاديث مروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبقولٍ منسوب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه, وبدليل عقلي.

فأما الأحاديث التي تثبت أن القرشية ليست شرطًا من شروط الإمامة, فمنها ما رواه مسلم, عن أبي ذر, قال: ((إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع, وإن كان عبدًا مجدع الأطراف)) أي أن أسمع وأطيع, ولو كان عبدًا خسيسًا, قد قطعت أطرافه, فما دام هو ولي الأمر فطاعته واجبة, وروى مسلم أيضًا عن يحيى بن حصين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع: ((ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا)) وقال -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)).

فهذه الأحاديث تفيد أن القرشية ليست شرطًا في الإمام؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بطاعة العبد حين يكون وليًّا للمسلمين, ومعروف أن قريشًا ليس بهم رقيق يتصل نسبهم بها, بل في أحدها -أي في أحد هذه الأحاديث- وجوب السمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015