الخطير, ولذلك يقول البعض: فلا تنعقد إمامة ضعيف الرأي لأن الحوادث التي تكون في دار الإسلام ترفع إليه, ولا يتبين له طريق المصلحة إلا إذا كان ذا رأي صحيح وتدبير سائغ, هذا هو ما يذهب إليه جمهور العلماء من وجوب أن يكون بصيرًا بتدبير أمر الحرب والسلم, خبيرًا بتنظيم الجيوش وحماية أطراف الدولة, عارفًا كيف تساس الرعية وتدبر المصالح.
إلا أن هناك من العلماء ما يشترطون هذا الشرط مجوزين الاكتفاء بأن يستشير الإمام أصحاب الآراء الصائبة في كل ما يحتاج إلى البت فيه من الأمور الهامة, معللين ذلك بأنه يندر بأن يتوافر هذا الشرط مع الشروط الأخرى المطلوبة في الإمامة من الاجتهاد وغيره.
ونرى أن اشتراط أن يكون الرئيس صاحب رأي, بمعنى أن يكون ملمًّا بأحوال الحرب كقادتها, ومتخصصًا في السياسة كأحد حاذقيها فيه من المبالغة بعض الشيء؛ لأن هذا وإن كان متيسر الحصول في بعض الأفراد في العصور الماضية قبل أن تعقد العلوم شتى نواحي الحياة, فإنه الآن غير متيسر بهذه البساطة, وأصبح الالتزام بأن يكون الرئيس ذا خبرة ورأي فيما يتصل بالنواحي السياسية والنواحي الإدارية وأمور الحرب لمما يعز اجتماعه في هذا العصر في شخص واحد؛ فإن المسائل السياسة والحربية لم تعد بهذه البساطة التي كانت عليها في عصور مضت, فكل ناحية من هذه النواحي تحتاج إلى تفرغ مجموعات كثيرة من الحائزين على الثقات العالية في الفروع المختلفة من العلم, وإلى تضافر جهود المتخصصين في دراسة مشكلة من مشاكل السياسة, أو الحرب, أو الإدارة, وإعداد البحوث والدراسات المتصلة بها.