وكذلك الحال الثانية: وهي الحال التي لا يكون فيها فاقد العدالة قد استولى على الإمامة بالقوة, بل إن أهل الحل والعقد بتصفحهم أحوال من يصلح للإمامة عند إرادتهم اختيار الإمام, لم يجدوا من يتوافر فيه شرط العدالة, نقول: هذه الحال أيضًا حال ضرورة, أفتى فيها الفقهاء بجواز ولاية الفاسق, إلا أنه يلاحظ وجوب تقديم الأمثل فالأمثل, بمعنى أن الأقل فسقًا مقدم على غيره وهكذا.

وهنا يأتي سؤال: هل تجب عصمة الإمام عن الخطأ والذنوب؟

نقول: مما سبق علمنا أنه يشترط توافر صفة العدالة في الإمام, بمعنى أن يكون الشخص غير مرتكب للكبيرة, وليس مصرًّا على الصغيرة, فلا تؤثر الهفوات الصغيرة على عدالة الإمام, ما دام غير مصر عليها, وبناء على ذلك فلا يجب عصمته عن الخطأ والذنوب, وإنما تجب عدالته الظاهرة, فإذا ظهرت منه هذه العدالة كان إمامته صحيحة, ومتى زاغ عن ذلك وقفت له الأمة تبين له خطأه, وهذا ما يقول به الجماهير الكثيرة من الأمة الإسلامية, من أهل السنة, والمعتزلة, والزيدية, والخوارج, وشذت الاثنا عشرية, والإسماعيلية, من الشيعة فقالتا بوجوب أن يكون الإمام معصومًا عن الذنوب.

معنى العصمة:

قبل أن نذكر شبههم في ذلك, أي شبه الذين يقولون بأن الإمام يجب أن يكون معصومًا عن الذنوب, قبل أن نذكر هذه الشبه ورد أهل السنة, ومن معهم عليها, نوضح أولًا معنى العصمة فنقول:

فسر البعض العصمة بأنها خاصية في نفس الشخص, أو في بدنه, يمتنع بسببها صدور الذنب عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015