-يتكلم عن الإمامة-: وهي فرضٌ على الكفاية، مخاطب بها طائفتان من الناس: أحداهما: أهل الاجتهاد حتى يختاروا. والثانية: من يوجد فيه شرائط الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة. وليس على من عدى هذين الفريقين من الأمة في تأخير الإمامة حرج ولا مأثم.
ثم بعد ذلك نتحدث عن البراهين أو الأدلة على مذهب الوجوب، يعني مذهب القائلين بأنه يجب نصب الإمام -وهم كما قلنا: جماهير العلماء- نقول: لمّا كان وجوب نصب الإمام قد قال به جمهور الأمة الإسلامية من أهل السنة وغيرهم -كما بينا - ولمّا كان أهل السنة استدلوا على دعواهم ببراهين غير البراهين التي استدلّ بها غيرهم، ولمّا كان ثمة جماعة من القائلين بوجوب نصب الإمام ترى أن الوجوب هنا ليس متوجهًا إلي الخلق بل متوجه إلى الخالق -جل وعلا- كان لزامًا علينا أن نبيّن أدلة كل جماعة من الجماعات القائلة بوجوب نصب الإمام كل على حدة؛ حتى تظهر وجهة نظر الكل واضحةً جليةً إيذاء هذا المنصب الخطير:
البرهان الأول أو الدليل الأول من أدلة أهل السنة على أن نصب الإمام إنما هو من الأمور الواجبة:
استدل أصحاب هذا الرأي بالإجماع، والإجماع هنا من أقوى البراهين عند أهل السنة ومن وافقهم في مذهبهم، على وجوب نصب الإمام شرعًا، بل هو أقواها على الإطلاق، وهو إجماع الأمة الإسلامية على أنه يجب نصب رئيس أعلى للدولة؛ وذلك أنه قد أجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على وجوب نصب رئيس لهم ليخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رعاية أمور الأمة، في القيام بحراسة الدين وسياسة الدنيا، فقاموا باختيار أبي بكر -رضي الله عنه- خليفةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سقيفة بني ساعدة، بعد نقاشٍ وحوار حادٍّ بين المهاجرين والأنصار، انتهى هذا الأمر باقتناع الأنصار بأن الرياسة العليا يجب أن تكون في قريش، ووافقوا على اختيار أبي بكر خليفةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-