أبدا)) أي يقصد إليه فيسدّ عليهم. وتيمّنت الصعيد للصلاة، ثم يقول: فأمّ القومَ وأمّ بهم: تقدّمهم، وهي الإمامة. والإمام: كل من ائتم به، قوم كانوا على الصراط المستقيم أو كانوا ضالين، والإمام من ائتم به من رئيس وغيره، والجمع أئمة، وفي التنزيل العزيز: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} (التوبة: من الآية: 12) أي قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم الذين ضعفاؤهم تبع لهم.
ومما كل ما سبق يتبين أن كلمة "إمام" قد استعملت في اللغة لمعانٍ مختلفة، منها القدوة، ومنها التقدم، والهداية، والإرشاد، وللشيء يكون نموذجًا، وللإنسان يكون مثالًا للاقتداء به، ويكون في موقف القيام بإصلاح الأمور ورياسة الناس.
والإمامة مصدر "أمّ" يقال: فلان أمّ الناس: إذا صار لهم إمامًا يتبعونه، فإذا كان الاتباع في الصلاة فهي المعروفة بالإمامة الصغرى، وإذا كان الاتباع في الأوامر والنواهي فهي الإمامة العظمى، أي رياسة الدولة، ويجب أن يلاحظ أنه إذا ما أطلقت كلمة "الإمامة" لأحد المسلمين فلا تحمل إلا على معنى الإمامة العظمى، أما إذا كان المراد أن يوصف أحد بإمامة في فرع من فروع العلم أو غيره، فلابد من الإضافة، فيقال مثلًا: البخاري إمام الحديث، وأبو حنيفة إمام الفقه، وفلان إمام بني فلان. وكما لا يجوز أن تستعمل الإمامة مطلقة إلا في الرئيس الأعلى للدولة، فكذلك الخلافة وإمارة المؤمنين. وأما ما ورد من أنه قد سمي كل من ولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهةً من الجهات، أو سرية أو جيشًا، كعبد الله بن جحش، وأسامة بن زيد -مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمكن أن يقال: إنهم إذا أطلقوا على هؤلاء إمارة المؤمنين فـ"أل" الموجودة في كلمة "المؤمنين" كانت للعهد، أي المؤمنين الذين كانوا مع كل منهم؛ لأن كلًّا منهم في الواقع ليس أميرًا لكل المؤمنين، بل أميرًا لبعضهم؛ ولذا