من بحث موضوع الإمامة العظمى، وكما كانوا يسمون القائم بأمر المسلمين الإمامَ، سموا المباحث المتصلة بهذا المنصب بمباحث الإمامة، فلما اشتبك معهم خصومهم في الجدل حول هذه المسالة، لم يجدوا مانعًا من استعمال نفس مصطلحاتهم، وبخاصة وأن إمامة الصلاة تعتبر أرقى الوظائف الدينية، فأصبح الحوار يدور بين الشيعة وخصومهم بنفس اللغة التي ابتدعها الشيعة، وأصبح تقليدًا صار عليه كل من تعرض لهذا الموضوع، لا يجد ما يدعوه إلى تغييره، وأيضًا فإن لفظ "الإمام" قد ورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة؛ إذ سمى الله إبراهيم وغيره إمامًا في قوله سبحانه: {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} (البقرة: من الآية: 124) وقال سبحانه: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (الأنبياء: 72 - 73)
المعنى اللغوي لكلمة "إمام":
يقول الفيروزآبادي: والإمام ما ائتُمّ به من رئيس أو غيره، والخيط يمدّ على البناء فيبنى، والطريق، وقَيِّم الأمر: المصلِح له، والقرآن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- والخليفة، وقائد الجند، وما يتعلمه الغلام كل يوم، وما امتثل عليه المثال والدليل والحال.
وفي الصحاح: والإمام خشبة البناء التي يسوّى عليه البناء، والإمام الصقع من الأرض -أي القطعة من الأرض أو المكان من الأرض- والطريق، قال تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} (الحجر: من الآية: 79) والإمام: الذي يهتدي به.
ويقول ابن منظور في مادة "أمّ": الأَمُّ بالفتح: القصد، أَمّهُ أمًّا إذا قصده، وفي حديث كعب بن مالك: ((ثم يؤمر بأمِّ الباب على أهل النار فلا يخرج منه غم