ومن ذلك يتبين أنه لا يصلح أن يطلق على أحد مهما كان، سواء كان رسولًا أو غير رسول، خليفة الله؛ لأننا إذا نظرنا إلى تعليل ذلك بأنه إنما يستخلف من يموت أو يغيب، والله سبحانه منزّه عن الموت والغيبة، أدركنا أن ذلك ممتنع أيضًا في حق آدم وداود وغيرهما من سائر الرسل -عليهم السلام- والآيتان اللتان استدل بهما القائلون بأنه يجوز إطلاق خليفة الله على آدم وداود -عليهما السلام- ليس فيهما إطلاق خليفة الله على كلٍّ منهما، وإنما ذكر في الآيتين إطلاق لفظ "خليفة" مجردًا عن الإضافة إلى الله -عز وجل- ولا شك أنه لا يجوز إطلاق لفظ "خليفة" على كل من يتولى الإمامة العظمى، ولو فرضنا أن الدليل قد قام على جاز إطلاق خليفة الله على كل منهما -أي آدم وداود عليهما السلام- ففي هذه الحالة لا تعدو الإضافة إلا أن تكون للتعظيم باعتباره قائمًا على تنفيذ أحكام الله في عباده.

لقب أمير المؤمنين:

بعد أن بويع لأبي بكر بالخلافة أصبح الناس يسمونه خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يزالوا هكذا يسمونه بذلك إلى أن توفاه الله -تبارك وتعالى- فلما بويع لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد أن رشحه أبو بكر الخلافة، كان يسمونه خليفة خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واستمروا على ذلك وقتًا، وكأنهم استثقلوا ذلك؛ إذ سيؤدي إلى التطويل وتتابع الإضافات بتابع الرؤساء، فمجرد أن لَاحَ لهم لقب آخر غير الخليفة استحسنوه وأصبح لقبًا على الإمام الأعظم أو على رئيس الدولة، هذا اللقب هو لقب أمير المؤمنين، وأول ومن سمي به من الرؤساء بالإجماع هو عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقد كتب عمر لعامله في العرق: "أن ابعث إلي برجلين جَلَدين نبيلين أسألهما عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015