الأول: أن الخلافة تكون عن الله تعالى، فيقال في الرئيس الأعلى في الدولة: خليفة الله؛ لأن الإمام الأعظم يقوم على رعاية حقوق الله تعالى في خلقه، واحتجوا بقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ} (الأنعام: من الآية: 164).
الثاني: أنه لا يجوز أن يقال على أحد أنه خليفة الله إلا آدم وداود -عليهما السلام- وذلك لقول الحق سبحانه في حق آدم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (البقرة: من الآية: 30) ولقوله سبحانه في حق داود: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} (ص: من الآية: 26).
الثالث: ويقول أنه يجوز إطلاق اسم خليفة الله على سائر الأنبياء -عليهم السلام.
الرابع -وبه قال جمهور الفقهاء -: أنه لا يجوز خليفة الله، ونسبوا قائل ذلك إلى الفجور، وإنما يقال: "الخليفة" بإطلاق، أو خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أما أن يقال: خليفة الله؛ فلأنه إنما يكون الاستخلاف في حال الموت أو الغيبة، والله سبحانه باقٍ على الأبد، لا يلحقه موت، ولا يجوز عليه غيبة. وأما أنه يقال له: خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلأنه قد خلفه في أمته في رياسته العامة في أمور الدين والدنيا معًا.
ويؤيد هذا الرأي الذي نعتبره أرجح الآراء -وهو رأي الجمهور الذي يقول أنه لا يجوز أن يقال: خليفة الله، وإنما يقال: الخليفة بإطلاق، يعني بدون أن ننسبه إلى شيء، أو نقول أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم- ما رواه ابن مليكة: أن رجلًا قال لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: يا خليفة الله. فأنكر عليه أبو بكر ذلك، وقال: لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال رجل لعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-: يا خليفة الله. قال له عمر: ويلك! لقد تناولت متناولًا بعيدًا، إن أمي سمتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلت، ثم كبرت فكنيت أبا حفص، فلو دعوتني به قبلت، ثم وليتموني أموركم فسميتموني أمير المؤمنين، فلو دعوتني بذلك كفاك.