إحداهما أن الحق في الجانب المقابل لها رضيت طواعية بذلك، ويحدث مثل هذا في كل موقف مشابه في كل أمة تعتريها ريح التغيير، ولم يرفع سلاح أيضًا في خلافة عمر، والسلاح الذي رفع على عثمان وأدى إلى مصرعه لم يكن محركه نزاعًا على الخلافة وإنما كانوا من أناس اعتقدوا خطأه -رضي الله عنه- في أمور نسبوها إليه، بل إن القتال الذي دار بين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وبين الذين شهروا السلاح عليه لم يكن كما يتوهم البعض، لم يكن خلافا مسلحًا على الإمامة، فلم يدّع الذين قاتلوه في معركة الجمل وصفين والنهروان أنهم يقاتلون لأنهم يعتقدون بإمامة غيره، وإننا لنجد كثيرًا ممن عاصروا هذه المعارك من الصحابة وكثيرًا من العلماء يعدّون ما حدث فتنة نزلت بالمسلمين، حتى أن بعض من عاصرها اعتزل الناس فلم يقاتل لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فالقتال بين علي وغيره كان قتالًا بين أهل العدل والبغي، ولم يكن قتالًا على قاعدة دينية، وإنما كان أول سيف سلّ على الخلاف في القواعد الدينية سيف الخوارج وقتالهم من أعظم القتال وهم الذين ابتدعوا أقوالًا خالفوا فيها الصحابة وقاتلوا عليها، فلم يحدث قتال بين علي -رضي الله عنه- وبين من يدعون عدم إمامته، ولم يثبت أنّ أحدًا قال أيام خلافة علي إنه أحق بالخلافة منه، بل كانت الأمة معترفة بفضل عليّ وأحقيته في تولي الأمر بعد مقتل عثمان -رضي الله عنه وأرضاه- وبينما نجد أن كثيرًا من المسلمين في المدينة قد بايع عليًّا -رضي الله عنه- نجد أن كلًّا من طلحة والزبير لم يبايعهما أحد ولم يطلبا المبايعة من أحد، يعني: إذا كان طلحة والزبير كانوا ضدّ عليّ فالحدث أو الخلاف الذي حدث بينهم وبين علي لم يكن بسبب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015