وليس من شأنها أن تقلل من الدور العظيم الذي أدّاه عثمان، إلا أنها بلا شك تؤدّي إلى نتيجة هامة، مؤداها أن الخليفة مسئول عن تصرفات ولاته، وعماله، وممثليه في الولايات المختلفة، إلى جانب أنه -رضي الله عنه- لم ينكر حق المسلمين في مساءلته؛ فيروى عنه -رضي الله عنه- قوله: "إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في قيود فضعوها".
وعليّ -رضي الله عنه- كان يرى مسئولية الخليفة عن كل ما يترتب على إعمال السلطة العامة، يروي ابن حزم عن الحسن -رضي الله عنه- أن عمر أرسل إلى امرأة معينة كان يدخل عليها -أي كان يدخل عليها بعض الناس- فأنكرت ذلك، فقيل لها: أجيبي عمر. فقالت: يا ويلها! مالها ولعمر؟ فبينما هي في الطريق فزعت، فضمها الطلق دارًا، فدخلت فألقت ولدها، فصاح الصبي صيحةً فمات. أي أنها فزعت لما علمت أنها سوف تذهب وتمثل أمام عمر بن الخطاب، وهذا الفزع كان سببًا في أن طلق الولادة جاءها في غير موعده؛ وترتب على ذلك أن ولدت الولد ومات هذا الولد، فاستشار عمر أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- استشارهم كما هي عادته -رضوان الله تبارك وتعالى عليه- أي استشارهم عن موقفه من هذا الصبي الذي مات بسبب الفزع الذي كانت فيه المرأة، فأشاروا عليه بعضهم أن ليس عليك شيءٌ، يعني بعضهم قال: ليس عليك شيء يا أمير المؤمنين بسبب ذلك، إنما أنت والٍ ومؤدّب. قال: وصمت علي -أي علي بن أبي طالب- فأقبل عليه عمر فقال: ما تقول؟ أي ما هو الرأي عندك يا عليّ بالنسبة لهذه الواقعة؟ وهل أنا مسئول عن موت هذا الصبي أم لا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إن كانوا قالوا برأيهم -يعني هؤلاء الذين أشاروا إليك بأنك ليس عليك شيء- فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك، أرى أن دِيّته عليك؛ لأنك أنت أفزعتها وولدها في سبيلك، فأمر