الشحناء من قبلي، فإنها ليست من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ مني حقا إن كان له، أو حللني)).
ولم يكن مبدأ المسئولية مبدأ نظريا في الفقه الإسلامي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو في عهد الخلفاء الراشدين، وإنما أخذ مكانه في التطبيق مثل سائر النصوص القانونية، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو النبي المرسل المعصوم المنزه عن الخطأ، والهوى يقبل القصاص، والقصة كما يرويها ابن سعد: ((أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طعن سواد بن غزية بعود من سواك، فماد في بطنه -يعني: أثر في بطنه- فطلب سواد القصاص -يعني: الذي طعنه النبي صلى الله عليه وسلم طلب القصاص من النبي صلى الله عليه وسلم- ولما استنكر الأنصار ذلك من سواد بادرهم بقوله: ما لبشر على بشر من فضل، ولما كشف الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن جسده الطاهر؛ ليقتص منه قال سواد: أتركها لتشفع لي بها يوم القيامة يا رسول الله)).
وإذا أردنا أن نذكر السوابق لهذه المسئولية في عهد الخلفاء الراشدين فنقول تدل السوابق بصفة قاطعة أن الخلفاء الأول رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، كانوا يعملون هذا المبدأ ويقررون مسئوليتهم عن كل ما يترتب على ممارسة السلطة العامة.
وسنوجز مسلك الخلفاء الأول في هذا الصدد؛ لنتبين كيف كفلوا تطبيق هذا المبدأ، وهو مسئولية الحاكم؟ فأبو بكر -رضي الله عنه- يقول في أول خطبة له بعد توليته الخلافة: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت الله فلا طاعة لي عليكم، وكأنه يشير بذلك إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) ويقول أيضًا: فإن رأيتموني استقمت، فاتبعوني، وإن زغت، فقوموني وتقويم الخليفة لا يكون معترفا به كقاعدة مقررة إلا إذا كان مبدأ المسئولية يأخذ مكانه في النظام الإسلامي ذلك