وبعد عرض هذه السوابق التي حدثت إبان عصر النبوة, فنأتي إلى الإجابة على السؤال الذي طرحناه في بداية حديثنا عن الشورى, وهو هل كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ملتزمًا بمشاورة الصحابة, فيما يريد أن يقدم عليه من الأمور.
مدى التزام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالشورى: اختلف الفقهاء في الإجابة على هذا التساؤل فذهب رأي إلى أن هذا الأمر ليس ملزِمًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- أي: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليس ملزمًا بأن يستشير الصحابة في الأمور التي تحدث له, ذهب رأي إلى أن هذا الأمر ليس ملزمًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الإيجاب وإنما هو من قبيل الاستحباب؛ لتطييب خاطر المسلمين وتألفًا لقلوبهم, ولأن ذلك أعطف لهم وأذهب لأضغانهم كما أن ذلك من باب التكريم والاعتبار لهم وتألفًا لهم على دينهم, وإن كان الله سبحانه وتعالى قد أغناه عن هذه المشاورة بتدبير أموره وسياسته إياه.
والاتجاه الثاني يرى أن الأمر الوارد في الآية الكريمة هو على سبيل الوجوب, فيما لم يرد فيه وحي فقد يكون لدى المسلمين ما ينتفع به, ومن ثم فيجب الرجوع إليهم. ووفقًا لهذا الرأي فالمشورة إنما هنا تكون على سبيل الوجوب, كما أننا من خلال السوابق النبوية التي أشرنا إلى بعضها أكدنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يخرج عما انتهى عليه المتشاورون.
وإذا رجعنا إلى نطاق هذا الواجب فما هو نطاق هذا الواجب يعني إذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يشاورهم في الأمر هل يشاورهم في كل الأمور سواء أمور دينية أو أمور دنوية أو أمور حربية أو اقتصادية أم ماذا؟ هذا هو ما يعرف بنطاق هذا الواجب.