أي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للصحابة من كان عنده شيء من السبايا فإن اختار أن يرد ذلك إلى هؤلاء القوم, أي إلى اليهود بدون مقابل فليفعل, أما من كان عنده شيء من السبايا ولا يريد أن يرده بدون مقابل فليرده وسوف نعطيه ما يقابل ذلك عندما يفيء الله علينا يعني عندما يمن الله علينا بالمال, فقال الناس: قد طبنا ذلك يا رسول الله.

يعني: وافقنا يا رسول الله على ما تقول وسوف نرد هذه السبايا بدون مقابل, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن, يعني: كأنه -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: أنا لم أتأكد من الذي أذن ورضي, ومن الذي لم يأذن ولم يرض, فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم.

فهذه الواقعة تبين من ناحية أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يشاور المسلمين فيما يعرض عليه من حوادث ووقائع, ومن ناحية أخرى فإنها تدل على الأخذ بنظام التمثيل والنيابة وهو ما يستدل من قوله -صلى الله عليه وسلم- حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم يعني إناس تختارونهم يوصلون إلينا أمركم.

ولم يقتصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على المشاورة في الأمور العامة والخطيرة التي تهم المسلمين جميعًا, وإنما شاورهم في أخص أموره الشخصية, كما حدث عندما أخذ يشاور كبار الصحابة فيما يتخذه مع أم المؤمنين عائشة, عندما رماها أهل الإفك من المنافقين بتهمة باطلة وكان القصد من ذلك الإساءة إلى الإسلام والمسلمين على النحو المعروف في القصة الشهيرة بقصة الإفك, ولما كان البت في مثل هذه المسألة له تأثير كبير على نفوس المسلمين, فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يستقل فيها برأي, وإنما طرح المسألة على المؤمنين, ليأخذ رأيهم وقد نزل القرآن بعد ذلك يثبت براءة عائشة رضوان الله تبارك وتعالى عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015