فحين تعرف الأمة أن تغيير شكل الحكومة لن يؤثر على قوانينها ونظمها؛ لأن هذه القوانين، وتلك النظم هي فوق الحكومات، وفوق الأفراد، وعلى الجميع أن يحترموها، حين تعرف الأمة ذلك فإنها تنطلق في معترك الحياة واثقة الخطى، ثابتة العزيمة مطمئنة لمستقبلها، أما الأمة التي تقوم أمورها على غير ذلك فإنها تعيش القلق والاضطراب والحيرة والحذر والترقب من تغير الحكومات التي تختلف نظرتها إلى العدل والحق باختلاف انتماءاتها وأهوائها.
هذه هي القاعدة الأولى من قواعد النظام أو النظام السياسي في الإسلام، وهي قاعدة الحاكمية لله سبحانه وتعالى.
أما القاعدة الثانية التي يقوم عليها النظام السياسي في الإسلام فهي قاعدة الشورى، وتعتبر الشورى من القواعد الأساسية التي ينبني عليها النظام السياسي الإسلامي، وهي أصل من أصول الشريعة، ومن عزائم الأحكام فيها، وهي بهذا المعنى لا تقتصر على كونها من القواعد الأساسية للنظام السياسي الإسلامي فحسب، وإنما تمثل الإطار العام والنطاق الذي يجب أن تعمل في حدوده كافة السلطات الحاكمة في الدولة الإسلامية، سواء كانت هذه السلطات تشريعية أو تنفيذية أو قضائية.
وهي بذلك تحول دون الاستبداد بالرأي، أو الانفراد به، الأمر الذي يؤدي إلى الوصول إلى الرأي الصواب، وتحقيق وحدة الأمة وتأليف القلوب بين أفرادها.
والشورى باعتبارها ركيزة من الركائز الأساسية للنظام الدستوري الإسلامي تعطي للأمة الحق في إدارة شئونها العامة، وتمثل ضمانة من الضمانات الأساسية