أولًا: من المسلم به أن أحاديث البخاري صحيحة، ومنها ما هو متواتر وما هو مشهور وما هو سنة آحاد، وإذا كان بعض العلماء قد انتقد البخاري فيما جمعه من بعض الأحاديث، فهذا لا يعني الطعن في صحة هذه الأحاديث، وإنما معناه: أنهم كانوا يختلفون في مدى حكمهم على السنة ومدى رأيهم في رجال هذا السند، فهذا أمر راجع لاختلاف معايير الضبط والصحة التي تتفاوت عند علماء الحديث، فالشروط التي وضعها البخاري مثلًا: تختلف عن تلك التي وضعها مسلم، وهذه أمور لا تقلل من قيمة صحيح البخاري أو صحيح مسلم، بل قد قرر العلماء أن أعلى درجات الصحة في الحديث تكون فيما اتفق عليه البخاري ومسلم.

وقد جمع الأستاذ/ محمد فؤاد عبد الباقي من هذه الأحاديث ما أسماه بكتاب (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان) فالأحاديث التي وردت في هذا الكتاب هي عبارة عن ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ولذلك فيه في أقصى درجات الصحة، ويليها في ذلك ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما كان على شرطيهما، ولم يخرجاه.

ثانيًا: بالنسبة لمسألة الظن والقطع في صحيح البخاري فليس هذا حكمًا يلقى على عواهنه كيفهما اتفق؛ لأن المقرر لدى أهل العلم أن الذي يفيد القطع من السنة هو الحديث المتواتر، سواء كان في صحيح البخاري أو في غيره، وأما الحديث المشهور فهو يفيد ظنًا يقرب من الطمأنينة ولا يرقى إلى مستوى اليقين الذي يفيده الحديث المتواتر، وأما الذي يفيد الظن فهو سنة الآحاد، سواء كانت في (صحيح البخاري) أو في غيره، وهي على كل حال تكفي لوجوب العمل في غير مجال الاعتقاد؛ لأنه لا تلازم كما ذكرنا بين وجوب العمل ووجوب العمل، بل يكفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015