المسلمين -يعني: أخذوا المسلمين الأسرى الذين هم عندهم، وجاءوا إلى بلادنا من أجل أن يغزونا، أو يقتلونا، تترس الكفار الصائلين -يعني: وضعوا الأسرى المسلمين في مقدمة الجيش، بحيث: لو ضربهم المسلمون؛ لضربوا هؤلاء الأسرى المسلمين، هذا هو نظام التترس- إذا تترس الكفار الصائلين يعني: المغيرين عليه بأسرى المسلمين، يعني: وضعوا أسرى المسلمين في مقدمة الجيش، وقطعنا بأنهم إن لم نرميهم ونقاتلهم؛ استأصلوا المسلمين المتترسين بهم، وغيرهم، بمعنى: أننا لو امتنعنا عن التترس؛ لصدمونا واستولوا على ديارنا، وقتلوا المسلمين كافة، حتى التترس -يعني: حتى الأسرى الموجودين معهم، والذين تترسوا بهم- ولو رمينا التترس؛ لقتلنا مسلمًا من غير ذنبٍ صدر منه.
فإن قتل التترس -والحالة هذه مصلحة- مرسلة؛ لكونه لم يعهد -في الشرع- جواز قتل مسلم بلا ذنب، ولم يقم أيضًًا دليل على عدم جواز قتله عند اشتماله على مصلحة عامة للمسلمين، لكنها مصلحة ضرورية قطعية كلية؛ فلذلك يصح اعتباره، أي: يجوز أن يؤدي اجتهاد مجتهدٍ إلى أن يقول: هذا الأسير مقتول بكل حال؛ فحفظ كل المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع من حفظ مسلمٍ واحد، معنى تلك المصلحة -يعني: إذا تترس هؤلاء الكفار بالمسلمين -الأسرى الموجودين عندهم- وهم يفعلون ذلك؛ لأنهم يعلمون أن المسلمين لن يقتلوا المسلمين مثلهم؛ ففي هذه الحالة ماذا نفعل؟ هل لا نضرب الكفار خوفًًا على المسلمين الذين تترسوا بهم، وفي هذه الحالة إذا لم نضربهم؛ فإنهم سوف يستولون علينا ويقتلوننا، ويقتلون أيضًًا الذين تترسوا بهم؟ ما هو الحل في هذه الحال؟ يعني: هل نحافظ على حياة التترس من المسلمين، وهي مصلحة خاصة، أم أننا ننظر إلى المصلحة العامة للمسلمين جميعًا، قالوا: والله المصلحة تقتضي -في هذه الحالة- أن نضحي بهذا التترس، أو بهذا الجزء من المسلمين، أو الأسير من المسلمين -الذي هو معهم- نضحي به من أجل ماذا؟ من أجل المصلحة العامة.
وهذا له ما يؤيده في القواعد الفقهية؛ ولذلك نقول: والله- الضرر الخاص يتحمل من أجل دفع الضرر العام، وهذا معناه: أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة -يعني: إذا تعارضت مفسدتان؛ روعي أعظمهما بارتكاب أخفهما، هذه هي القواعد الفقهية.
فالقواعد الفقهية لا بد أن ننظمها، أو أن نطبقها في هذه الحالة، نقول: إذا قتلنا الكفار مع التترس -المسلم معهم- في هذه الحالة هناك فيه ضرر خاص بالنسبة لهذا