إذن هذه المصلحة التي نظرتم إليها إنما هي مصلحة ملغاة، لا يعتد بها إطلاقًًا، ونحن نشترط في المصلحة أن لا تكون مخالفة لنص من نصوص الكتاب، أو السنة.
هذا هو الشرط الأول؛ لكي يعمل بهذه المصلحة، قلنا: ملغى شرعًًا؛ لأن الخصال مرتبة -كما قلنا- وهي العتق، ثم الصوم، ثم الإطعام.
أيضًًا بالنسبة لشروط إعمال هذه المصلحة المرسلة: أن تندرج المصلحة في مقاصد الشريعة -يعني: إذا أردنا أن نعتبر هذه المصلحة المرسلة، أو الذين قالوا بها، قالوا: من شروطها -كما قلنا- أن لا تتعارض مع حكم ثبت بالنص، أو الإجماع.
الشرط الثاني لإعمال هذه المصلحة: أن تندرج المصلحة في مقاصد الشريعة، ومقاصد الشريعة هي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال. الشريعة جاءت من أجل المحافظة على الضروريات الخمس، أو على الكليات الخمس، هذه الأمور الخمس، أو الكليات الخمس هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ العرض، حفظ المال، وبالمناسبة: كل الشرائع جاءت من أجل المحافظة على هذه الكليات الخمسة، فالمصلحة لن تعتبر، ولن تكون معتبرة، ولن يعتد بها -عند القائلين بها- إلا إذا دارت في خلال هذه الكليات الخمس، أو كان يراد منها حفظ كلية من هذه الكليات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال.
فكل مصلحة كانت دائرة في فلك هذه الشريعة -يعني: تدور حول حفظ هذه الأمور الخمسة، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال -كلها- مصلحة كانت دائرة في فلك هذه الشريعة؛ فهي مصلحة معتبرة شرعًًا، وكل مصلحة ليس عليها دليل إلا العقل؛ فهي مرفوضة شرعًًا.
وبمعنى آخر: ينبغي أن تكون المصلحة ضرورية، قطعية، كلية، والضرورية هي التي تكون من إحدى الضروريات الخمس -كما قلنا- وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض -يعني: إذا لم يكن يراد منها واحد من هذه الأمور الخمسة، أو كان يراد منها شيء غير المحافظة على واحدٍ من هذه الأمور الخمسة؛ فلا يعتد بها، ويشترط أيضًًا أن تكون قطعية، والقطعية هي التي يجزم بحصول المصلحة فيها، وأما الكلية فهي التي تكون موجبة لفائدة.
نعطي مثالًا لذلك -لكي تعتبر هذه المصلحة أن تندرج المصلحة في مقاصد الشريعة، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال-: إذا تترّس الكفار الصائلين بأسرى