النبي -صلى الله عليه وسلم- من كيفية أداء الصلاة ومناسك الحج ومقادير الزكاة، وكيفية الأذان، وغير ذلك مما نقل إلينا نقلًا متواترًا منذ عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وحتى عصرنا هذا. هذا بالنسبة المتواترة.
أما السنة المشهورة: فهي ما رواها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جمع لا يبلغ حد التواتر، ثم تواتر هذا الجمع بعد ذلك، فالتواتر في السنة المشهورة لم يكن في الحلقة الأولى من السنة، وهذا هو ما يميزها عن السنة المتواترة التي يتوافر فيها التواتر من أول السند إلى منتهاه كما ذكرنا.
والسنة والمشهورة تفيد عند أبي حنيفة وأصحابه العلم اليقيني، ولكنه دون العلم الحاصل من سنة التواتر، ويسمونه أحيانًا بعلم الطمأنينة الذي لا يصل إلى مستوى اليقين وإن كان يشبهه، ولذلك نجد أن الحنفية يوجبون العمل بهذا النوع من السنة، ويقيدون بها الأحكام المطلقة في القرآن ويخصصون بها الأحكام العامة ونحو ذلك.
ونأتي إلى النوع الثالث: وهو سنة الآحاد: وسنة الآحاد هي كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان أو الأكثر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا يتوافر فيه شروط التواتر أو الشهرة على مصطلح الحنفية، وسنة الآحاد تفيد غلبة الظن، ولا تفيد العلم القطعي، لكون اتصال السند فيها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مشتبهًا فيه.
يقول بعض العلماء الاتصال فيه شبهة صورة ومعنى، أما ثبوت الشبهة ففيه صورة، فلأن الاتصال بالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يثبت قطعًا، وأما معنى: فلأن الأمة تلقته في القبول، أي: في الطبقة التي تلي التابعين، ولهذه الشبهة في إسناد سنة الآحاد قرر العلماء أنه يجب العمل بها، إن لم يعارضها معارض، ولكن لا يؤخذ بها في الاعتقادات؛ لأن معناها الجزم واليقين، أي: الاعتقادات تعتمد على الجزم واليقين، لكن سنة الآحاد تقوم أو تفيد غلبة الظن، ولذلك لا يؤخذ بها في