الحاكم، وحقوق أهل الذمة من المواطنين، أو ما يعرف بمركز الأجانب والأقليات في القانون الدولي الحديث، وتحدث أيضًا عن الشورى كنظام للحكم، وغير ذلك من أمهات المسائل الدستورية، والسياسية، التي أشار إليها القرآن الكريم، وحفظت، ودونت قبل أن تعرف الدول الحديثة فكرة الدساتير المدونة التي تؤصل بها أحكامها السياسة، والدستورية؛ مما يجعل من الشريعة الغراء رائدة في هذا المجال.
ولكن يجب أن يلاحظ أن بيان القرآن الكريم للأحكام السياسية، والدستورية إنما يقتصر على القواعد العامة، والأفكار الإجمالية؛ فهو لا يتصدى للجزئيات، وتفصيل الكيفيات إلا قليلًا؛ لأن هذا مما يخل ببلاغة القرآن، وبكونه كتابًا هو كالدستور لكافة الأحكام الشرعية؛ فينطوي هذا المسلك من البيان -إذن- على حفز الهمم، وحثها على فهم تلك القواعد الكلية، وتطبيقها بصورة مختلفة يحتملها النص، ولا يأباها، وذلك كما ورد في القرآن الكريم من النص على الشورى السياسية دون تعيين شكل خاص لها؛ فكانت بذلك شاملة لكل نظام حكومي يحقق العدل، ويجتنب الظلم، والاستبداد، ورأي الفرد، بغض النظر بعد ذلك عن كون هذا النظام جمهوريًا، أو ملكيا، أو خلافة، أو غير ذلك مما لا استئثار فيه لفرد، أو لفئة بحسب ما تمليه المصالح العامة للمجتمع.
خلاصة القول -في هذا-: أن القرآن الكريم -بالنسبة لمسائل الحكم، والنظم الدستورية- إنما اقتصر على الأحكام العامة، أما التفصيلات؛ فقد تركها، ولم يفصلها، لماذا؟ لأن شريعة الإسلام إنما هي الشرعية الخاتمة -خاتمة الشرائع- ولذلك هي باقية إلى أن تقوم الساعة، ويرث الله الأرض، ومن عليها؛ ولذلك حرص القرآن الكريم على أن يترك للناس مساحة من التفكير -خصوصًا مع تطور المجتمعات، وكثرة الوقائع والأحداث- ولذلك ترك لهم التفصيل، ووضع