خامسا: ومن الوسائل التي تمنع التهرب من أداء الخراج أيضًا، طريقة إنفاق الخراج، فإن الخراج ينفق في مصالح الأمة في مكان جبايته، فإن بقي منه شيء أرسل إلى بيت المال لإنفاقه في المرافق العامة للدولة، ومما يؤكد ذلك أن عمرو بن العاص اتبع في مصر طريقة مثلى في جباية الخراج وإنفاقه، فكان ينفق الخراج في حفر خلجان مصر وإقامة جسورها وبناء قناطرها، ثم يرسل الباقي بعد ذلك إلى أمير المؤمنين في المدينة، وعلى الجملة فالأصل هو استخدام حصيلة الخراج في البلد الذي جمعت فيه؛ إظهارًا لهذا الاستخدام، وإعلانًا له ولا شك أن ذلك سيكون له أثر طيب على نفس المكلفين بالخراج يساعدهم على إخراج الواجب عليهم بنفس راضية، ولا يفكرون على الإطلاق في التهرب من أدائه؛ لتيقنهم أن ما يدفعونه يعود عليهم بالنفع وكل هذا يؤدي في النهاية إلى تحقيق المساواة بين المكلفين في تحمل التكاليف بالخراج، كل حسب مقدرته المالية.

هذه هي أهم الوسائل الكفيلة بمنع التهرب من أداء الخراج، والأخذ بها لا شك من شأنه أن يكون حائلًا بين من تسول له نفسه التهرب من أداء الخراج وبين هذا التهرب، ونحن نعلم أن القضاء على التهرب من أداء الخراج معناه أن يساهم جميع المكلفين بالخراج في الأعباء المالية المقررة عليه في الدولة دون استثناء وبالتالي تتحقق المساواة بينهم في هذا الشأن.

مراعات ظروف الممول في الخراج

وينبغي علينا أن نتحدث عن مراعاة ظروف الممول في الخراج فنقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015