وبالنسبة لحصر الممولين, والذي يساعد على منع التهرب من دفع الجزية نقول:

إن حصر الممولين, وأموالهم, من شأنه أن يؤدي إلى إمكان تقدير الجزية, وجبايتها بكل دقة, وبالتالي يمنع التهرب من أداء الجزية, ويدل على ذلك أن عمر بن الخطاب أمر بإحصاء أهل السواد, فأحصوا, ووضعت عليهم الجزية, كذلك فعل عبد الملك بن مروان, حيث بعث إلى عامله على الجزيرة الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري, وأمره أن يحصي الجماجم -أي الناس- وجعل الناس كلهم عمالًا بأيديهم, وحسب ما يكسب العامل في سنته كلها, ثم طرح من ذلك نفقته في طعامه, وأدمه, وكسوته, وطرح أيام الأعياد في السنة كلها, فوجد الذي يحصل بعد ذلك في السنة لكل واحد أربعة دنانير, فألزمهم دفعها, أي أنه راعى مصالحهم الشخصية, راعى ما يحتاجون إليه, ولم يفرض الجزية إلا على القدر الزائد عن حوائجهم, وهذا يدل على مراعاة العدالة التي التزم بها المسلمون مع أهل الذمة.

التنفيذ على أموال المتخلفين عن أداء الجزية:

ومن الوسائل التي من شأنها أن تؤدي إلى منع التهرب من أداء الجزية التنفيذ جبرًا على أموال المتخلفين عن أداء الجزية, فإذا امتنع أهل الذمة من أداء الجزية, فيعتبر بعض الفقهاء أن ذلك يعد نقضًا لعهدهم, وتؤخذ منهم الجزية جبرًا كالديون, نقول ومن الوسائل التي من شأنها أن تؤدي إلى منع التهرب من أداء الجزية حبس المتهرب من أدائها حتى يؤديها, وفي هذا المعنى يقول أبو يوسف: ويحبسون أهل الذمة حتى يؤدوا ما عليهم, ولا يخرجون من الحبس حتى تستوفى منهم الجزية.

هذه هي أهم الوسائل الكفيلة بمنع التهرب من أداء الجزية, والأخذ بها -ولا شك- من شأنه أن يكون حائلًا بين من تسول نفسه التهرب من أداء الجزية, وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015