الشرط الثاني: أن يكون بالغًا, فالجزية لا تجب على الصبيان؛ لأنهم لا يُقتلون إذا ظفر بهم المسلمون.
الشرط الثالث: أن يكون عاقلًا, فالجزية لا تجب على المجنون؛ لأنه ليس أهلًا للالتزام.
الشرط الرابع: القدرة على أدائها, فالجزية لا تجب على الفقير العاجز عن أدائها.
وأيضًا يشترط أن يكون دافع الجزية صحيحًا, فهي لا تجب على مريض لا يرجى برؤه, ولا شيخ فان, ولا زمِن, ولا أعمى؛ لعدم استطاعتهم القتال. هذه هي أهم شروط وجوب الجزية, ذكرناها على سبيل الإجمال, وفي عجالة سريعة, على الرغم من أن الفقهاء مختلفون في بعض هذه الشروط, ولهم فيها تفصيلات مختلفة لا داعي لذكرها هنا؛ لأنها ليست من جوهر البحث.
وإذا كان التشريع الإسلامي قد جعل فريضة الزكاة عامة, وشاملة لكل أغنياء المسلمين -على ما رأينا- فإننا نجد أن ذات التشريع يوجب الجزية على الرجال القادرين الأصحاء, فهي عامة بالنسبة لهؤلاء, ولا يعفى منها أحد لمركزه الاجتماعي, أو انتمائه لطبقة معينة, فمبدأ المساواة في أداء الجزية متحقق بالنسبة للمكلفين بأدائها, والتطبيقات العملية من أكبر الأدلة على ذلك, فمن الأدلة القاطعة على تحقيق المساواة بين دافعي الجزية ما ورد في كتاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران, وسائر النصارى, جاء في هذا الكتاب: ((ولا خراج ولا جزية إلا على من يكون في يده ميراث من ميراث الأرض, ممن يجب عليه فيه للسلطان حق, فيؤدي ذلك على ما يؤديه مثله. ولا يجار عليه, ولا يحصل منه إلا قدر طاقته, وقوته على عمل الأرض وعمارتها, وإقبال ثمرتها, ولا يكلف شططًا, ولا يتجاوز حتى أصحاب الخراج من نظرائه)) فالرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا