بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس
(الجزية والخراج والعشور)
1 - من الموارد المالية "الجزية"
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد, وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
نواصل حديثنا في هذه المحاضرة عن الموارد المالية في الإسلام, فنقول:
فرضت الشريعة الإسلامية على غير المسلمين المقيمين في الإسلامية بعض التكاليف المالية المتمثلة في الجزية, والخراج, والعشور, ولم يكن ذلك -كما يقول بعض المستشرقين- لم يكن ذلك عقابًا لهم على عدم اعتناقهم الإسلام, بل كانت تلك الأعباء المالية ضرائب عادلة تمامً في كل صورها, فالحياة في كل مجتمع, في كل عصر تقوم على أساس الحقوق والواجبات, وقد تمتع غير المسلمين في الدولة الإسلامية بكثير من الحقوق, ولابد لكل حق من واجب يقابله, فغير المسلمين المقيمين في المجتمع الإسلامي, لهم ما لنا من حريات, وتجارة, وتعامل, ففي المقابل يجب عليهم أن يؤدوا للخزانة العامة -أي بيت المال- شيئًا من أموالهم, كما يتحمل المسلمون أعباء مالية كثيرة, كالزكاة وغيره, إنه لا بد أن يتحملوا قسطهم من التكاليف العامة, وذلك في صورة جزية, وخراج, وعشور؛ ليساهموا في بناء الدولة, ونفقاتها العامة, ومن الممكن الرجوع في هذا الموضوع إلى كتاب (الإسلام وأهل الذمة) دكتور علي حسن الخربطلي, لجنة التعريف بالإسلام, يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية, كتاب رقم 49 لسنة 1969 صـ 67.
هذا بالإضافة إلى أن تلك التكاليف العامة المالية هي جزء قليل على ما تلتزمه الحكومة الإسلامية من الدفاع عن غير المسلمين المقيمين في الدولة الإسلامية, وإعانة للجند الذين يحمونهم ممن يعتدي عليهم, وسنتكلم عن التكاليف العامة المالية التي يلتزم بها غير المسلمين المقيمين بالدولة الإسلامية.
ونبدأ بالجزية:
والجزية في اللغة: هي فِعلة من الجزاء, جمعها جِزي, مثل لحية, ولحي, وهي ما يؤخذ من أهل الذمة, أي أنها عبارة عن المال الذي يعقد الكتابي عليه الذمة.