لأهلها, فإن الجهل عنده كالهلاك, فإذا كان له دراهم مستحقة يصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة, والمعتبر هنا الحاجات الأصلية للمكلف بالزكاة, ومن يعوله من الزوجة, والأولاد, مهما بلغ عددهم, والوالدين, والأقارب الذين تلزمه نفقتهم, فإن حاجتهم من حاجته.
والحاجة الأصلية يعبر عنها بعض العلماء المحدثين بحد الكفاية, الذي يجب أن يتوافر للإنسان؛ لأنه مما يتعلق بمتطلبات الحياة الكريمة, بمعنى أن الفرد يعد فقيرًا متى لم تتوفر له متطلباته بالقدر الذي يجعله في بحبوحة من العيش, وغني عن غيره, وضمان حد كفايه هو في الإسلام أمر مقدس باعتباره حق الله الذي يعلو فوق كل الحقوق, وأن في إنكاره, أو في إغفاله إنكار للدين نفسه, ويدل على هذا الإعفاء قوله -صلى الله عليه وسلم: ((خير الصدقة من كان على ظهر غنى, وابدأ بمن تعول)) فهذا الحديث يدل على أن شرط المتصدق ألا يكون محتاجًا لنفسه, أو لمن تلزمه نفقته, ويدل على ذلك أيضًا ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((دينار أنفقته في سبيل الله, ودينار أنفقته في رقبة, ودينار تصدقت به على مسكين, ودينار أنفقته على أهلك, أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك)) فهذا الحديث يدل على أن حاجة الإنسان, وحاجة أهله الذين تلزمه نفقتهم, مقدمة على حاجة غيره.
وهذا الإعفاء في الواقع لا يتعارض مع مبدأ المساواة بين المكلفين في تحمل عبء الزكاة, وذلك لأن حاجة الإنسان مقدمة على حاجة غيره, وكذا حاجة أهله, وولده, ومن يعوله بمنزلة حاجة نفسه, فكيف نطلب منه الزكاة مما يحتاج إليه, ويتعلق قلبه به لمسيس حاجته إليه, وقد رأينا فيما سبق أن المقصود بالمساواة في هذا المجال أن يتحمل كل فرد قدرًا من الأعباء المالية يتفق مع مقدرته المالية على