فمن الكتاب قول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} (البقرة: من الآية: 185) وقوله تعالى: {مَايُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج} (المائدة: الآية: 6) وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} (الحج: من الآية: 78) وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: 58) وقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (الشورى: من الآية: 38).
ويجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين كله في النصيحة فيقول: ((الدين النصيحة -ثلاثَ مراتٍ- قالوا: يا رسول الله، لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) وهذا الحديث موجود في (سنن الترمذي الطبعة الأولى 1419 هـ -1999 م الناشر دار الحديث القاهرة جـ4 صـ99، باب ما جاء في النصيحة).
فرعاية هذه المبادئ العامة التي تحقق الشورى، والعدل بين الناس، ورفع الحرج عن الناس إنما يحققها علم السياسة الشرعية؛ لأنه قد تبين لنا أن رفع الحرج عن الناس، ومراعاة أحوال الناس إنما يبحثه علم السياسة الشرعية، وكذلك مصالح الناس يبحثها علم السياسة الشرعية، ومصلحة الناس في الحكم بالعدل، ومصلحة الناس في أن تكون الشورى موجود: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر}، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}.
من الذي ينظم الشورى؟ صحيح أن الله -تبارك وتعالى- أمرنا بإقامة الشورى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر} (آل عمران: من الآية: 159) وقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} لكن كيفية المشاورة، ما هي الوسيلة التي تتحقق بها المشاورة? هذا تركه القرآن الكريم لعلم السياسة الشرعية.
يأتي علم السياسة الشرعية هو الذي يحقق هذه الأشياء، إذا كانت هناك قاعدة رفع الحرج عن الناس، فكيفية تحقيق هذه القاعدة، الذي يبين لنا كيفية التحقيق تحقيق هذه القاعدة، وتطبيقها على الناس إنما هو علم السياسة الشرعية، إذا كان القرآن الكريم يأمرنا بالحكم بالعدل،