وأما إذا ترك الزكاة فلا يقتل بها, وتؤخذ إجبارًا من ماله, ويعذر إن كتمها بغير شبهة, وإن تعذر أخذها لامتناعه, حورب عليها, وإن أفضى الحرب إلى قتله حتى تؤخذ منه كما حارب أبو بكر الصديق مانعي الزكاة. ينظر في ذلك الأحكام السلطانية للماوردي ص 192 وما بعدها.
وفي هذا الأمر أيضًا يقول ابن حزم:
وحكم مانع الزكاة إنما هو أن تؤخذ منه, أحب أم كره, فإن مانع دونها فهو محارب, وإن كذب بها فهو مرتد, فإن غيبها ولم يمانع دونها فهو آت منكرًا فواجب تأديبه أو ضربه حتى يحضرها, أو يموت قتيل الله تعالى إلى لعنة الله, كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكرا فليغيره بيده إن استطاع)) وهذا منكر, ففرض على من استطاع أن يغيره كما ذكرنا.
فعقوبة المتهرب إذن كما يظهر من تلك النصوص لا تقتصر على الغرامة المالية فحسب, بل قد تتعدى ذلك إلى العقوبات البدينة المناسبة.
على أنه يلاحظ أن التشريع الإسلامي لم يقصر الأمر في عقوبة المتهرب من دفع الزكاة على العقوبات الدنيوية المالية والبدنية, بل إنه قرر أيضًا عقوبة أخروية للمتهرب, فقد رُوي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من آتاه الله مالًا فلم يؤد زكاته مُثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع, له ذبيبتان, يطوقه يوم القيامة, ثم يأخذ بلهزمتيه, (يعني بشقيه) ثم يقول: أنا مالك, أنا كنزك, ثم تلا -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ})) (آل عمران: من الآية: 180) وروي أيضًا عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها, إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من